أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر الأخبار

تحليل جهود الجزائر في تحقيق التعليم الإلزامي المنصف والجيد وفقًا لتقييم مجلس المحاسبة 2018-2022

 تحليل جهود الجزائر في تحقيق التعليم الإلزامي المنصف والجيد وفقًا لتقييم مجلس المحاسبة 2018-2022


تعتبر الجزائر من الدول التي وضعت التعليم في صميم خططها التنموية، ملتزمة بتحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، والذي يهدف إلى ضمان تعليم مجاني ومنصف وجيد بحلول عام 2030. وفي هذا السياق، أجرى مجلس المحاسبة الجزائري بالتعاون مع الأرابوساي تقييمًا شاملًا لتقدم البلاد في هذا الإطار خلال الفترة من 2018 إلى 2022. يستعرض هذا المقال تفصيلًا أهم الجهود المبذولة، التحديات التي تواجهها، والتوصيات المستقبلية لتحقيق تعليم عالي الجودة ومنصف للجميع.

أبرز الإنجازات في تحسين التعليم الإلزامي

1- تعزيز البنية التحتية التعليمية

أولت الجزائر أهمية كبيرة لتوسيع شبكات المؤسسات التعليمية، حيث ارتفع عدد المدارس الابتدائية إلى 20,113 مؤسسة، وعدد مؤسسات التعليم المتوسط إلى 5,818 مؤسسة بحلول عام 2022. يهدف هذا التوسع إلى تحسين إمكانية الوصول إلى التعليم في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك المناطق النائية. ومع ذلك، أظهر التقييم نقصًا في بعض المرافق الأساسية مثل الفصول الدراسية الحديثة والمكتبات وقاعات الإعلام الآلي، مما أدى إلى زيادة الضغط على المؤسسات التعليمية القائمة.

2- تحديث المناهج الدراسية وأساليب التدريس

بدأت الدولة منذ عام 2003 في إصلاح البرامج الدراسية وإدخال مناهج تعليمية جديدة تعكس التوجهات العالمية. ركزت الجهود على تحسين جودة التعليم في المواد الأساسية مثل الرياضيات واللغات والتربية العلمية. كما تم إدخال مشاريع مثل "اللوحات الرقمية" لتخفيف أعباء الحقيبة المدرسية، إلا أن التقرير أشار إلى أن النظام التعليمي يعاني من نقص في تطبيق معايير الجودة الدولية في التدريس، وخصوصًا في مجالات تعليم اللغات والرياضيات.

3- دعم الفئات المحرومة وذوي الاحتياجات الخاصة

حرصت الحكومة الجزائرية على تقديم دعم خاص للفئات المحرومة وذوي الاحتياجات الخاصة لضمان المساواة في التعليم. تم توفير النقل المدرسي لنحو 72% من تلاميذ المناطق النائية في عام 2021، مع خطط لتوسيع هذه الخدمة لتغطية 90% بحلول العام الدراسي 2023/2024. كما تم زيادة الاستفادة من الإطعام المدرسي، حيث ارتفع عدد المستفيدين إلى 4.8 مليون تلميذ بحلول عام 2023. ومع ذلك، لا يزال دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة بحاجة إلى تحسين، خاصة من حيث تدريب المعلمين وتوفير الوسائل التقنية والبيداغوجية اللازمة.

4- تحسين تكوين المعلمين

يلعب المعلمون دورًا رئيسيًا في تحقيق جودة التعليم. اعتمدت الجزائر منذ عام 2003 شهادة الليسانس كحد أدنى لتوظيف المعلمين، مع برامج تدريب مستمرة لتحسين مهاراتهم. على الرغم من هذه الجهود، أظهر التقرير نقصًا في عدد المعلمين المؤهلين، خاصة في اللغات الأجنبية وتقنيات الإعلام الآلي. بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة ماسة لتحسين نوعية التدريب الأساسي والمستمر.

التحديات التي تواجه نظام التعليم

1- ضعف التنسيق المؤسسي

كشف التقرير عن نقص التنسيق بين الوزارات المعنية بالتعليم، مثل وزارة التربية ووزارة التعليم العالي ووزارة التضامن الوطني. هذا النقص يؤدي إلى تداخل الجهود وضياع الموارد، مما يعوق تحقيق الأهداف المنشودة.

2- التحديات المالية

على الرغم من الجهود المبذولة لتوفير التمويل اللازم، إلا أن الموارد المالية المتاحة لا تزال غير كافية لتلبية جميع احتياجات النظام التعليمي. بلغ الإنفاق الحكومي على التعليم 15-17% من الميزانية العامة، وهو ما يعتبر جيدًا مقارنة بالمعايير الدولية، لكنه لا يكفي لتغطية جميع الاحتياجات، مثل بناء المدارس الجديدة وتحديث المعدات التعليمية.

3- محدودية مشاركة القطاع الخاص

يبقى دور القطاع الخاص في التعليم محدودًا، حيث تشكل نسبة التلاميذ في المدارس الخاصة 1.2% فقط من إجمالي التلاميذ على المستوى الوطني. يعود ذلك إلى عوامل متعددة، بما في ذلك ضعف الحوافز الاستثمارية وعدم انتشار المدارس الخاصة في جميع الولايات.

4- نقص في الكوادر البشرية المؤهلة

أظهر التقرير نقصًا كبيرًا في عدد المعلمين المؤهلين، خاصة في مجالات اللغات الأجنبية وتقنيات الإعلام الآلي. يتطلب تحسين هذا الوضع توظيف المزيد من المعلمين وتوفير برامج تدريب مكثفة لتأهيلهم.

التوصيات لتحسين جودة التعليم

1- تعزيز التنسيق بين الجهات المعنية

لتحقيق نتائج أفضل، يجب تعزيز التنسيق بين وزارة التربية والوزارات الأخرى ذات الصلة. يمكن إنشاء آليات وطنية مستقلة للإشراف على تنفيذ سياسات التعليم وضمان تكامل الجهود.

2- تطوير برامج التدريب للمعلمين

ينبغي تحسين جودة التكوين الأساسي والمستمر للمعلمين، مع التركيز على المهارات الرقمية واستخدام التكنولوجيا في التعليم. بالإضافة إلى ذلك، يجب تقديم حوافز للمعلمين لتحفيزهم على تحسين أدائهم.

3- زيادة الاستثمار في البنية التحتية والمعدات

يتعين على الحكومة زيادة الاستثمار في بناء مدارس جديدة وتحديث المرافق الحالية. يجب أن يشمل ذلك تجهيز الفصول الدراسية بأحدث التقنيات التعليمية وتوفير موارد تعليمية حديثة.

4- دعم الفئات المحرومة وذوي الاحتياجات الخاصة

يتطلب دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في النظام التعليمي تخصيص موارد إضافية لتأهيل المعلمين وتوفير الوسائل التعليمية الملائمة. كما يجب تعزيز برامج الدعم الاجتماعي مثل النقل المدرسي والإطعام لضمان عدم ترك أي طفل خارج المنظومة التعليمية.

5- تعزيز الشفافية والمساءلة

يجب تحسين أنظمة جمع البيانات وتحليلها لمراقبة التقدم المحرز في تحقيق الأهداف التعليمية. يمكن استخدام هذه البيانات لتحديد التحديات وتطوير الحلول المناسبة.

ردود الأمينة العامة لوزارة التربية الوطنية على توصيات مجلس المحاسبة

ردت الأمينة العامة لوزارة التربية الوطنية على توصيات مجلس المحاسبة بمجموعة من الإجراءات والملاحظات التي تهدف إلى تحسين جودة التعليم وتطوير النظام التعليمي الوطني. وفيما يلي ملخص الردود:

1.    التنسيق بين الوزارات:

أشارت الأمينة العامة إلى وجود حاجة ماسة لتعزيز التعاون بين وزارة التربية ووزارات أخرى مثل التعليم العالي والتضامن الوطني. الهدف هو تحسين تكوين المعلمين وتأهيلهم لتعليم التلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة، وضمان التكامل بين القطاعات لمعالجة النقائص في البنية التحتية وتوسيع الخدمات.

2.    تحسين النظام الإحصائي:

أكدت الوزارة على تطوير النظام الإحصائي الخاص بها ليشمل إجراء مسوح شاملة للمدارس وتعزيز التنسيق مع الديوان الوطني للإحصاء. الهدف من ذلك هو متابعة تنفيذ الهدف الرابع للتنمية المستدامة ورصد التقدم المحرز بشكل أفضل.

3.    الاستجابة لتوصيات التمويل:

شددت الأمينة العامة على أن الوزارة تعمل على تحديث المؤشرات المالية الوطنية لتتماشى مع معايير اليونيسكو، مع هدف الوصول إلى نسب إنفاق تتوافق مع المعايير الدولية، مثل تخصيص 4-6% من الناتج المحلي الإجمالي للتعليم.

4.    حل مشكلات البنية التحتية:

أرجعت الوزارة التأخر في إنجاز المشاريع المدرسية إلى قيود الميزانية والتحديات المتعلقة بالعقار في بعض المناطق. وأكدت أنها تعمل على تنفيذ توجيهات رئيس الجمهورية لإيجاد حلول بديلة مثل بناء مؤسسات غير تقليدية وتعزيز دراسة استشرافية لتحسين الوضع.

5.    مواصلة تطوير المناهج والتكوين:

أشارت إلى أن الوزارة تركز على تصحيح الاختلالات في المناهج الدراسية، مع اعتماد نظام تقييم جديد للكفاءات بداية من السنة الدراسية 2022/2023. وأكدت على التزامها بتحسين جودة التعليم الأساسي وتعزيز اكتساب المهارات.

هذه الردود تعكس التزام وزارة التربية الوطنية بالتوصيات المقدمة من مجلس المحاسبة وتهدف إلى تحقيق تعليم أكثر جودة وشمولية، مع التركيز على التحديات العملية كالتنسيق بين القطاعات وتعزيز الكفاءة المالية والبشرية.

الخاتمة

يمثل التعليم ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة في الجزائر. على الرغم من التقدم الملموس في بعض الجوانب، لا تزال هناك تحديات كبيرة تحتاج إلى معالجة لتحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030. تتطلب المرحلة القادمة جهودًا متضافرة بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني لضمان تعليم عالي الجودة يفتح آفاقًا جديدة لجميع الأطفال، بغض النظر عن خلفياتهم الاجتماعية أو الجغرافية.

مطالعة التقرير كاملا بصيغة PDF


الكلمات المفتاحية: التعليم في الجزائر، أهداف التنمية المستدامة، التعليم الإلزامي، جودة التعليم، المناهج الدراسية، تدريب المعلمين، ذوو الاحتياجات الخاصة، تحسين التعليم، الاستثمار في التعليم، مجلس المحاسبة ، وزارة التربية الوطنية.

تعليقات